Israel Bombing Of The Hotel Sacher In Vienna
Home | Articles | Status |
Login
Arabic English Spanish French Russian Chinese

تفجير فندق ساخر في فيينا عام 1947: لمحة عن توترات ما بعد الحرب

في 4 أغسطس 1947، تحطم الهدوء الأنيق لفندق ساخر في فيينا، وهو معلم فاخر من فئة الخمس نجوم يشتهر بتورتة ساخر الشهيرة، بانفجار قنبلتين في حقيبتين في قبوه.
الهجوم، الذي تبنته الجماعة الصهيونية المسلحة الإرغون، استهدف الفندق الذي كان يخدم كمقر عسكري بريطاني في النمسا المحتلة بعد الحرب العالمية الثانية. ورغم أن القنابل لم تتسبب في أضرار هيكلية كبيرة ولم يُبلغ عن ضحايا، فقد سلط الحادث الضوء على التيارات السياسية المتقلبة في عصر ما بعد الحرب والتداعيات العالمية للصراع في فلسطين. تستكشف هذه المقالة السياق والتنفيذ والتداعيات لهذا التفجير، مستندة إلى روايات تاريخية لتجميع لحظة أصبح فيها فندق فيينا التاريخي مسرحًا للتوترات الدولية.

المشهد: فندق ساخر وفيينا ما بعد الحرب

يقع فندق ساخر مقابل دار الأوبرا الحكومية في فيينا في قلب منطقة إنيره شتات، وقد أسسه إدوارد ساخر عام 1876، ابن فرانز ساخر، مبتكر تورتة ساخر الشهيرة. بحلول عام 1947، كان الفندق منذ فترة طويلة مركزًا ثقافيًا واجتماعيًا، يستضيف أباطرة وفنانين ودبلوماسيين، من فرانز جوزيف إلى جون لينون. جعلته ديكوراته الفاخرة وسمعته في الضيافة الراقية رمزًا لعظمة فيينا.

بعد الحرب العالمية الثانية، تم تقسيم النمسا، مثل ألمانيا، إلى أربع مناطق احتلال للحلفاء: الأمريكية والبريطانية والفرنسية والسوفيتية. كما تم تقسيم فيينا نفسها، مع المنطقة المركزية تحت السيطرة المشتركة. وجد البريطانيون فندق ساخر سليمًا نسبيًا من دمار الحرب، فاستولوا عليه كمقر لهم. تم تخليد دور الفندق في هذه الفترة في فيلم كارول ريد عام 1949 الرجل الثالث، حيث استلهم الكاتب غراهام غرين إلهامه من بار الفندق أثناء بحثه في فيينا.

كانت فيينا عام 1947 مدينة تحمل ندوب الحرب. تحملت المدينة 52 غارة جوية من الحلفاء، دمرت 20% من مخزونها السكني وتركت أكثر من 3000 حفرة قنابل. بينما كان إعادة الإعمار جارية، ظلت المدينة نقطة تقاطع متوترة لقوى الحلفاء ومركزًا للنازحين، بما في ذلك اللاجئين اليهود الذين يتنقلون في المشهد الفوضوي لما بعد الحرب. في هذه البيئة الهشة وقع تفجير فندق ساخر.

الهجوم: ضربة الإرغون

في صباح 4 أغسطس 1947، انفجرت قنبلتين في حقيبتين في قبو فندق ساخر. الانفجارات، رغم أنها تسببت في اضطراب، تسببت في أضرار طفيفة، وأشارت تقارير معاصرة إلى أن المقر البريطاني “لم يتضرر بشكل كبير”. لم يتم الإبلاغ عن وفيات أو إصابات، مما يشير إلى أن القنابل كانت صغيرة أو تم وضعها بشكل استراتيجي لتجنب خسارة الأرواح. تبنت الإرغون، وهي جماعة شبه عسكرية صهيونية تعمل بشكل رئيسي في فلسطين تحت الانتداب البريطاني، المسؤولية عن الهجوم بسرعة.

تأسست الإرغون في الثلاثينيات، وكانت معروفة بمقاومتها المسلحة ضد الحكم البريطاني في فلسطين، بهدف إقامة دولة يهودية. بحلول عام 1947، كثفت الجماعة حملتها، مستهدفة الأصول البريطانية في فلسطين وخارجها. كان تفجير فندق الملك داود في القدس عام 1946، والذي أودى بحياة 91 شخصًا، من أكثر أعمالها شهرة. كان الهجوم على فندق ساخر جزءًا من هذه الاستراتيجية الأوسع، مما يعكس نية الجماعة في الضغط على السلطات البريطانية وسط تصاعد التوترات حول الهجرة اليهودية إلى فلسطين وقيود الانتداب البريطاني.

كان اختيار فندق ساخر متعمدًا. كونه المقر البريطاني، كان يرمز إلى السلطة البريطانية في النمسا، وهي دولة تستضيف آلاف النازحين اليهود الذين يسعون للوصول إلى فلسطين. تشير بعض المصادر إلى وجود صلة بالنازحين اليهود في النمسا، مع تكهنات بأن الهجوم قد يكون قد شمل فاعلين يهود محليين، رغم عدم وجود دليل ملموس يدعم ذلك. تشير قدرة الإرغون على تنفيذ هجوم في فيينا إلى مستوى من الانتشار التنظيمي خارج فلسطين، ربما باستغلال شبكات من المتعاطفين أو العملاء في أوروبا.

السياق: لماذا فيينا؟ لماذا 1947؟

لا يمكن فهم التفجير دون وضعه في السياق الجيوسياسي والاجتماعي الأوسع لعام 1947.
شهدت سنوات ما بعد الحرب نقاشات مكثفة حول مستقبل فلسطين. كان الانتداب البريطاني، الذي تأسس بعد الحرب العالمية الأولى، يتداعى تحت وطأة المطالب اليهودية والعربية المتضاربة، والتي تفاقمت بسبب السياسات البريطانية التقييدية للهجرة، مثل الورقة البيضاء لعام 1939، التي حدت من دخول اليهود إلى فلسطين. رأت الإرغون وغيرها من الجماعات الصهيونية أن هذه السياسات خيانة، خاصة وأن الناجين من الهولوكوست كانوا يعانون في مخيمات النازحين في أوروبا.

كانت فيينا، كمركز رئيسي للنازحين اليهود، نقطة محورية لهذه التوترات. كان الآلاف من اللاجئين اليهود، الذين نجوا من معسكرات الاعتقال، يقيمون في مخيمات في النمسا، بانتظار الهجرة. كان البريطانيون، كمحتلين، مسؤولين عن إدارة هذه المخيمات، وأثار تطبيقهم لحصص الهجرة استياءً. من المحتمل أن هجوم الإرغون على فندق ساخر كان يهدف إلى أن يكون ضربة رمزية ضد السيطرة البريطانية، مشيرًا إلى أن سلطتهم كانت عرضة للخطر حتى في أوروبا.

علاوة على ذلك، كان عام 1947 عامًا حاسمًا. كانت الأمم المتحدة تناقش تقسيم فلسطين، والذي بلغ ذروته في نوفمبر 1947 بالتصويت على إنشاء دولتين يهودية وعربية منفصلتين. كانت أعمال الإرغون، بما في ذلك تفجير فندق ساخر، جزءًا من حملة للتأثير على الرأي الدولي وإضعاف العزيمة البريطانية. ورغم أن الهجوم في فيينا كان طفيفًا مقارنة بعمليات الإرغون في فلسطين، فقد أظهر استعداد الجماعة لإظهار القوة عالميًا.

التداعيات والأثر

لم يتسبب التفجير في اضطراب كبير في عمليات فندق ساخر. واصل البريطانيون استخدام الفندق كمقر لهم، وظل دوره كمعلم ثقافي سليمًا. تلاشى الحادث من الذاكرة العامة، طغت عليه عملية إعادة إعمار فيينا المستمرة والدراما الأكبر للصراع في فلسطين. ومع ذلك، ترك الحادث أثرًا خفيًا على تاريخ الفندق العريق، مضيفًا طبقة من الغموض إلى إرثه.

بالنسبة للإرغون، كان التفجير مجرد هامش في حملة حققت هدفها قريبًا. في مايو 1948، أعلنت إسرائيل استقلالها، وتوقفت الأنشطة المسلحة للإرغون إلى حد كبير مع اندماج أعضائها في جيش الدولة الجديدة. عكس الهجوم على فندق ساخر، رغم صغره، جرأة الجماعة والنطاق العالمي لنضالها.

كما سلط التفجير الضوء على الدور المعقد لفيينا في عالم ما بعد الحرب. كمدينة تحت الاحتلال الحليف، كانت نموذجًا مصغرًا للتنافسات في الحرب الباردة والصراعات ما بعد الاستعمار. جعل وجود القوات البريطانية والسوفيتية والأمريكية والفرنسية، إلى جانب سكان متنوعين من اللاجئين والمحليين، فيينا نقطة اشتعال للصراعات الأيديولوجية والسياسية. أصبح فندق ساخر، بسحره الأرستقراطي، مسرحًا غير متوقع لهذه التوترات.

الإرث والتأمل

اليوم، يظل فندق ساخر منارة للثقافة الفييناوية، تفجيره ذكرى بعيدة يعرفها المؤرخون أكثر من الضيوف الذين يتذوقون تورتة ساخر في مقهى ساخر. يقدم الهجوم عام 1947، رغم طفيفيته، نافذة على لحظة مضطربة عندما كان العالم يتصارع مع تداعيات الحرب وولادة أمم جديدة. يذكرنا أن حتى الأماكن الفاخرة والتقليدية يمكن أن تتشابك مع تيارات التاريخ.

تظل أعمال الإرغون، بما في ذلك تفجير فندق ساخر، مثيرة للجدل. وصفت بأنها منظمة إرهابية من قبل مصادر معاصرة وشخصيات مثل ونستون تشرشل، يُناقش إرث الإرغون في إسرائيل وخارجها. يراها مؤيدوها حركة تحرير لعبت دورًا حاسمًا في تأسيس إسرائيل، بينما يدينها النقاد بسبب تكتيكاتها العنيفة. تفجير فندق ساخر، رغم عدم إراقة الدماء، جزء من هذه الرواية المعقدة.

مع إعادة بناء فيينا واستعادة فندق ساخر لدوره كملاذ للفنانين والسياسيين والمسافرين، أصبح تفجير 1947 مجرد هامش في تاريخه الممتد لـ150 عامًا. ومع ذلك، يظل تذكيرًا بأنه حتى في أكثر الأماكن رقيًا، يمكن أن تتردد أصداء الصراع، تاركة آثارًا تتأخر في ظلال التاريخ.

Views: 44